من البديهي أن كل من يحاول أن يختلف أو يتميز عن الآخر، تلاحقه الكثير من الضغوطات سواء كان رجلاً أو امرأة أو حتى شاباً، فكل من يسعي لتحسين علمه وعمله وقدراته، يواجه الكثير من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية من حوله، فكلّها تصبّ في منحنى واحد، تجعله يفقد السيطرة على أعصابه، لكن من يسعي بتميزه الفكري وحبه لتطوير ذاته، يحوّل السلبيات التي تواجهه إلى إيجابيات تدفعه نحو التمكن من عمل جاد؛ يحقق له الأهداف المنشودة والتي يسعى إليها.
في المقابل هناك الكثير من الأشخاص غير المجتهدين وغير الطموحين لا يهتمّون في أن يصلوا للمراتب العليا، أو حتّى يصلوا لدرجة التفكير في تحسين ذاتهم من خلال التقدم أو المواجهة في العمل، فنجد هؤلاء ينهارون مباشرة أمام الضغوطات التي تواجههم، فيرون أن السبيل في التخلص من هذه الضغوطات هو ترك مجال العمل والانسحاب بكل بساطة، للبحث عن أماكن عمل لا يوجد بها ضغوطات معتقدين في أنفسهم أنهم تَغلبوا على تلك المشاكل، حيث يرونها دائماً في نهاية المطاف، ولكن تلك الاعتقادات ما هي إلا وهم عارٍ من الصحة، فلا يوجد عمل بلا ضغوطات، فيتساءل الكثيرون، كيف يمكننا التخلص من الضغوط؟ وما الذي يجب أن نفعله؟

قبل أن نجيب عن تلك التساؤلات، سنأخذكم في جولة صغيرة حول ماهية الضغوط؟ وما أنواعها؟ وما أسبابها؟ وكيف يمكن أن نتخلص من تلك الضغوط القاتلة لأحلامنا؟، ضغط العمل ينتج عادة من خلال ممارسة زيادة في عدد ساعات العمل بتواصل مستمر، أو مواجهات حادة بين المسؤول والعامل، أو حتى مشاكل شخصية ناتجة عن ضغوط اجتماعية ونفسية واقتصادية، فتلك تسبب أزمات ضاغطة على الفرد، وهناك إحصاءات تشير إلى أنّ 82% من الأفراد العاملين يعانون من ضغوط العمل، وأن أكثر من نصف العدد يعانون من ضغوط شديدة جداً.
 
أنواع ضغوط العمل
تُصنف ضغوط العمل إلى نوعين هما:
ضغوط داخلية: وهي تلك الضغوط التي تكون من داخل الفرد ذاته، وتحدث بسبب إخفاء انفعالاته النفسية باستمرار، واللجوء لممارسة الكبت، مع ضعفه لمقاومة تلك الضغوط.
ضغوط خارجية: تلك الضغوط التي يصعب على الفرد في مواجهة المحيط الخارجي (الآخرين) من اشكاليات وصعوبات، أو بسبب ظروف طارئة، أو عدم قدرته على تحمل الخسائر، أو في حالة موت شخص قريب وعزيز عليه، وكذلك التوتر في العلاقات مع الأصدقاء والمعارف، وحدوث الخلافات العائلية منها الطلاق.. وغيرها الكثير من الأسباب الضاغطة.
 
أسباب ضغط العمل
هناك الكثير من الأسباب التي أَرجَعَ إليها الباحثون الضغوط النفسية، والمشاكل التي يعانون منها معظم الموظفين، وتلك الأسباب:
* تختلف قدرة الموظف من شخص لآخر، فبالتالي ينتج عنه عدم تناسب قدرة الموظف مع حجم العمل.
* عدم اقتناع الموظف بوضعه في العمل.
  
* مستوى طموح الموظف يكون أعلى من العمل القائم عليه.
* تداخل مسؤوليات الموظف مع بعضها، بالتالي سيكون ضغط عليه.
* عدم تفانيه في العمل، لعدم رضاه عن الوضع الوظيفي المنوط به.
* سوء العلاقات ما بين الموظف والموظفين أو صاحب العمل.
* قلة في عدد ساعات العمل مع طاقة محدودة أو ظروف خاصة مؤثرة.
* الافتقار لروح التعاون بين الموظفين، وعدم تناسب كمية العمل مع عدد الموظفين.
* تهميش قدرات الموظف، وعدم مكافئته وتحفيزه، يؤثر سلباً على العمل.
* عدم وجود تسهيلات لإنهاء العمل بمجهود ووقت أقل مما عليه.
* عدم معرفة الموظف بطبيعة العمل، أو نقص الكفاءة والخبرة.
* المشاكل الاجتماعية والزوجية المأثرة سلباً على العمل وإنجازه.
* كسل الموظف وتأخيره للأعمال تُأثر سلباً؛ مما يؤدي للعجز والشعور بالفشل.
 
 
أعراض ومظاهر ضغط العمل
نتيجة تلقائية لتلك الأسباب التي عرضناها، تبرز عدد من المظاهر والأعراض التي يعاني منها الموظف، حيث إنّها لا تقتصر على حياته المهنية، بل تمدد على المستوى الشخصي، ومن تلك الأعراض:
* سرعة الغضب على أبسط الأمور.
* معاناته من اضطرابات نفسية، وأرق قبل النوم.
* شعوره بالقلق الدائم.
* الاحساس بسرعة ضربات القلب.
* تأويله الخاطئ في كل المواقف.
* الاكتئاب والتوتر والشد العضلي.
* الشعور بالإجهاد السريع.
 
كيف يمكنك التخلص من ضغوطات العمل المستمرة
لحل تلك الأزمات والاشكاليات التي تواجه الموظف وتَعُوق نجاحه بالشكل المطلوب، سنضع لك خطوات تخلصك من تلك الضغوط وينبغي اتباعها:
دوّن ضغوطك: قم بتسجيل تلك المواقف المؤثرة عليك بتوتر عصبي وضيق، مع ضرورة تقسيمك للمهام لأجزاء، كي تستطيع التعامل معها، ثم تحدي وقاوم، كأن تقوم بتسليم اعمالك المطلوبة قبل موعدها، واختيارك لأفضل الطرق للقيام به، وبعدها دون انجازاتك الفعلية وسترى الفرق. 
غيّر وجهة نظرك: حاول أن ترى الايجابيات لا السلبيات في مواقف التوتر التي تواجهك، فكلما فكرت بإيجابية كلما قل تأثير السلوك الانفعالي عليك.
تعلم الاسترخاء: فن الاسترخاء من أجمل الفنون المساهمة للتخلص من التوتر والعصبية، فحاول أن تسترخي على قدر الإمكان لتحاشي إصابة جسمك بالأمراض.
عزّز علاقاتك: قم بتقوية الروابط العائلية، وعزّز علاقتك بالأسرة والأصدقاء وزملاء العمل، بالحوار والمشاورة، فإنه سيضيف لحياتك نوع من المرونة، لتجعلك أكثر سعادة.
حدّد الأولويات: إذن ابدأ بوضع خطة لحياتك، حيث تستغل كل دقيقة منها لتنطلق مباشرة، وتنجز أهدافك بدون عوائق، ولا تنسى أن تجعل لعلاقاتك وشبكة تواصلك مع الآخرين مكان، وإن وجدت بعض العوائق، قم بتأجيل بعض البنود العادية، وليس الأولويات.
التزم بالهدوء: حاول أن تكون أكثر هدوءاً مما عليه، للتعامل مع مشكلاتك بحلول مناسبة، بعيداً عن التوتر والعصبية، فالشخص الناجح يحاول الاحتفاظ بهدوئه، فبالتالي سينعكس على من حولك، فسيعاملونك بنفس الهدوء وسيزداد احترامهم لذاتك.
تخلص من أخطائك: كلاً منا لديه أخطاءه، ولا شك أنت واحد منهم، وسترتكب العديد من الأخطاء على مر حياتك، فأنت لست معصوماً من الأخطاء، لكن المهم أن تتخلص من تلك الأخطاء وتصححها بسرعة، وحاول أن تبتعد عن زملاء العمل السلبيين؛ كي تكون حياتك العملية أقل توتراً وعصبية.
اقتل الكسل بالمبادرة: كن مبادراً دائماً، لتقضي على الروتين القاتل، واجعل المبادرة جزء من سلوكك، كي تتخلص من حالة الكسل والخمول الناشئ عن تراكم المسؤوليات، وتعدد الاهتمامات، لذلك زود نفسك أسبوعياً بمبادرة لإنجاز أمورك الأساسية، ودع الاصرار طريقك للنجاح.
كُنْ سعيداً وأقل تحكُّماً: أثبتت الدراسات أن الشخص الأكثر حباً لعمله، هو من لديه نشاط أكبر، وأن السعادة تكمن في حبك كموظف لعملك، ورغبتك في تحسين أداؤك نحو الأفضل، وتحاشَ التحكم في الآخرين، فالمتحكمين بالسيطرة على الآخرين يشعرون بحالات التوتر، فإذا رغبت بحياة هادئة وسعيدة، كن أقل تحكماً.